═══════ ✥.❖.✥ ═══════
ما الذي غرقت فيه؟
أنا ، فرانشيسكا روسي ، مستقبلي بالكامل محبوس داخل صندوق خشبي قديم غير ملحوظ.
منذ اليوم الذي أصبحت فيه على علم به - في عمر الست السنوات - كنت أعلم أن كل ما ينتظرني بداخله سوف يقتلني أو ينقذني. لذا فليس من المستغرب أن فجر يوم أمس ، عندما قبّلت الشمس السماء ، قررت استعجال القدر وفتحه.
لم يكن من المفترض أن أعرف أين احتفظت أمي بالمفتاح.
لم يكن من المفترض أن أعرف أين احتفظ أبي بالصندوق نفسه.
لكن الشيء الذي يكمن في الجلوس في المنزل طوال اليوم لتهيئة نفسك حتى تتمكني من الوصول إلى معايير والديك المستحيلة؟ يجعل لديك الوقت الكافي - للتمرد.
"أثبتي، فرانشيسكا، أو ستخزّين نفسكِ بالإبرة" ،
صرخت فيرونيكا من تحتي،
وهي تعيد تضبيط فستاني.
مررت بنظري على الورقة الصفراء بين يدي للمرة المائة، بينما تساعدني الستايلست الخاصة بوالدتي في ارتداء ثوبي كما لو كنت غير قادرة على ذالك وحدي.
تأملت الورقة بحرص، حفرت كلماتها بالذاكرة ، وحبستها في درج في ذهني ولن يتمكن أي شخص آخر من الوصول إليها.
انتشرت الإثارة خلال عروقي مثل النغمة الجازية ، وعيني تنظر بعزم في المرآة أمامي. بعدها قمت بطي قطعة الورق بأصابع هشة و مرتجفة ودفعتها إلى الفتحة أسفل المشد بجانب صدري.
بدأت أحوم في الغرفة مرة أخرى ، و وجدت نفسي متحمسة للغاية ، مما جعل مصففة الشعر و الستايلست الخاصين بماما تنبحان في وجهي أثناء مطاردتي حول الغرفة لارتداء الملابس.
جرّت فيرونيكا نهاية المشد بقوة ، فأخذتني إلى المرآة كما لو كنت في مقود.
"مهلاً ، أوتش" قلت متألمة،
"قلت قفي ساكنة!" حذرتني،
لم يكن من غير المألوف أن يعاملني موظفو عائلتي بهذه الطريقة. فالأمر أنني لا احتمل وجود حاجز بيننا، وعلاقتي بهم جميعاً تعتبر غير رسمية.
ليس هذا هو المهم. المهم هو أنني سأُقبّل أنجلو بانديني الليلة. بشكل أكثر تحديداً- سأدعه يقُبلني.
امممم حسنا، سأكذب إذا قلت أنني لم أفكر في تقبيل أنجلو كل ليلة منذ أن أنهيت - قبل عام - دراستي في المدرسة الداخلية السويسرية التي ألقاني والداي فيها.
بالمناسبة أنا في التاسعة عشر من عمري، وهذا ما جعل آرثر وصوفيا روسي يقررا رسمياً تقديمي إلى مجتمع شيكاغو ليسمحا لي أخيراً أن أختار زوج المستقبل من بين المئات من الرجال الأميركيين-الإيطاليين المؤهلين الذين ينتمون إلى منظمة واحدة فقط، وهي الماڤيا.
في هذه الليلة ستنطلق سلسلة من الأحداث والمكالمات الاجتماعية التي تخصني، سيتحدث الجميع عن ظهوري، وسينتبهون جميعاً أين ستقع عيني، لكنني أعرف مسبقاً ممن أردت الزواج.
أنجلو. ❤️
أخبرني بابا وماما أن الدراسة الجامعية لن تكون في الحسبان بالنسبة لي. لأنني بحاجة إلى الأهتمام بمهمة العثور على الزوج المثالي ، لأنني الوريثة الوحيدة لتجارة روسي. رغم أن حلمي الوحيد أكثر من أي وقت مضى أن أكون أول إمرأة في عائلتي تحصل على شهادة جامعية و درجة علمية عالية ، لكنني لم أكن بذاك الغباء بما يكفي لأتحداهم.
وكثيراً ما قالت خادمتنا كلارا:
"لا تحتاجين إلى إختيار زوج ، فرانكي. تحتاجين فقط إلى تلبية توقعات والديكِ."
لم تكن مخطئة. لقد ولدت في قفص مطلي بالذهب. إنه قفص فسيح و واسع، ولكن مغلق ، ومع ذلك محاولة الهرب منه هي مخاطرة بالموت. لم أكن أحب أن أكون سجينة، لكنني تخيلت أن الأمر سيكون أسوأ إذا تخطيت السياج. لذا لم أجرؤ أبداً على إلقاء نظرة خاطفة على ما وراء قضبان السجن، ورؤية ما كان على الجانب الآخر.
والدي آرثر روسي هو رئيس جماعة الماڤيا.
ربما يبدو هذا المُسمى قاسي على رجل قام بتجديل شعري وأنا صغيرة، وعلمني كيفية العزف على البيانو ، وحتى أنه ذرف الدموع في حفلتي في لندن عندما لعبت البيانو أمام جمهور من الآلاف.
أنه والدي مهما كانت المسميات.
وأنجلو هو الزوج المثالي في عيون والديّ. جذاب ، مستوى مرموق، ومال كافي. أمتلكت عائلته مجمع سكني ضخم، واستخدم والدي معظم عقاراتهم هناك في العديد من مشاريعه الغير قانونية.
لذا عرفت أنجلو منذ ولادتي. شاهدنا بعضنا البعض ننمو على الطريقة التي تزهر بها الزهور. ببطء ، ولكن بسرعة في نفس الوقت.
كنا دائماً نلتقي خلال الإجازات الصيفية الفخمة ولكن تحت الإشراف الدقيق لأقاربنا ، و الحراس الشخصيين.
كان لدى أنجلو أربعة أشقاء وكلبان وابتسامة تجعل الآيس كريم يذوب في راحة يدي.
والده يدير شركة المحاسبة التي عملت مع عائلتي، فلهذا كِلا العائلتين كانت تأخذ الإجازات و العطل سفراً إلى المكان نفسه، دوماً.
على مر السنين ، شاهدت عندما تجعدت خصلات شعر أنجلو الأشقر الناعم، و تحولت إلى لون داكن، وكيف أصبحت عيناه المتلألئة ، المحيطتان باللون الأزرق أقل مرحاً وتأملاً ، وكنت شاهدة عندما تشديده و تدريبه مع الوقت للأشياء التي سيواجهها في مجتمعنا. لاحظت كيف تعمّق صوته ، وشحنت لهجته الإيطالية، وبدأ يملأ إطاره النحيل الصغير بالعضلات والطول والثقة. أصبح أكثر غموضاً وأقل اندفاعاً، ولم يعد يتحدث كثيراً، ولكن عندما يفعل فإن كلماته تنتزع دواخلي.
الوقوع في الحب أمراً مأساوياً جداً.
لا عجب أنه يجعل الناس حزينين دائماً.
وبينما نظرت إلى أنجلو كما لو كان بإمكانه إذابة ما بداخلي ، للأسف لم أكن الفتاة الوحيدة التي ذابت من عبوسه الدائم كلما نظر إلي.
لقد شعرت بالمرض عندما عدت إلى مدرستي الكاثوليكية الداخلية للبنات ، وعاد هو إلى شيكاغو للتعليق والتحدث وتقبيل الفتيات الأخريات.
لكنه لطالما جعلني أشعر أنني كنت الفتاة المنشودة. يضع الزهور في شعري ، ويدعني أشرب بعضاً من نبيذه عندما لم يكن أحد ينظر إلينا، وكان يضحك بعينيه كلما تحدثتنا. و عندما سخر مني إخوته الأصغر سناً ، قرص آذانهم وحذرهم بأن لا يفعلوها مجدداً.
وفي كل عطلة صيفية، وجد طريقته لسرقة لحظة معي وتقبيل طرف أنفي.
"فرانشيسكا روسي ، أنتِ أجمل مما كنت عليه في الصيف الماضي." كان يقول مداعباً،
و أجيبه بخجل، "أنت دوماً تقول هذا."
"وأنا أقصد ما أقول دائماً."
"أخبرني شيئاً مهماً"
"أنتِ أيتها الآلهه، ستكونين يوماً زوجتي".
كنت أعود إلى كل ذكرى من كل صيف كما لو كانت حديقة مقدسة ، وحرستها بسياج من المودة، وسقيتها حتى أصبحت جزء من ذكريات ساحرة.
أكثر من أي شيء آخر ، تذكرت كيف ، في كل صيف ، كنت احبس أنفاسي حتى يتسرب إلى غرفتي ، أو المتجر الذي كنت أزوره ، أو الشجرة التي قرأت كتاباً تحتها. وكيف بدأ بإطالة "لحظاتنا" مع مرور السنين وعند دخولنا مرحلة المراهقة ، راقبني بتسلية وأنا أحاول - وأفشل - أن أتصرف كواحد من الأولاد عندما كنت بشكل واضح مجرد فتاة.
قمت بدس الورقة أعمق في صدري تماماً عندما حفرت فيرونيكا أصابعها المميتة في جسدي ، لتجمع المشد ورائي من كلا الطرفين وتشدّه حول خصري.
"أن تكوني في التاسعة عشر وجميلة مجدداً،" رفعت فيرونيكا صوتها عالياً بشكل كبير وهي تشد الخيوط الكريمية الحريرية بتوتر ضد بعضها البعض ، وأنا ألهث لأتنفس.
ثم أكملت حديثها، "تذكرين تلك الأيام ، ألما؟"
مصففة الشعر شخرت من أنفها، وهي تحرك مقدمة شعري بشكل جانبي لأنها أكملت محدثة أمواج متراخية حول وجهي.
وقالت، "عزيزتي، انزلي عن حصانك العالي. أنتي كنتي جميلة ببساطة عندما كنتي في التاسعة عشرة. فرانشيسكا، هنا ، خُلقت وكأن الله قضى وقتاً ممتعاً وهو يهيئها."
شعرت ببشرتي محمرة بإحراج. كان لدي شعور بأن الناس يستمتعون بما يروه عندما ينظرون إلي ، لكنني شعرت بالضيق من فكرة الجمال. الجمال يمنح القوة لكنها قوة يمكن أن تنزلق بأي لحظة.
الجمال، هدية ملفوفة بشكل رائع لا بد أن اخسرها في يوم من الأيام. لم أكن أرغب في فتحها أو استغلال فوائدها. لأن هذا من شأنه أن يجعل طرق الفراق معها أكثر صعوبة.
تنهدت بتأمل، الشخص الوحيد الذي أردت أن ألاحظ ظهوره الليلة في الحفلة التنكرية بمعهد شيكاغو للفنون هو أنجلو. كان ثيم الاحتفال هو الآلهة والإلهات الخاصة بالأساطير اليونانية والرومانية. كنت أعرف أن معظم النساء سيظهرن كأڤروديت أو ڤينوس. أو ربما هيرا أو ريا، إذا أصابتهم الأصالة.
حسناً ليس انا.
أخترت أن أكون نيمسز، إلهة الإنتقام عند اليونانين. فلطالما كان أنجلو يصفني بالألوهية دائماً، وفي هذه الليلة ، أردت أن أبرر وصفه من خلال الظهور كأقوى الألهات من بين الجميع.
ربما كان من السخف في القرن الحادي والعشرين أن ترغب في الزواج في سن التاسعة عشر تحت ظل الزواج المدبر ، لكن في مجتمع الماڤيا ، ألتزمنا جميعاً بالتقاليد. للأسف تقاليد حدث أن تنتمي بقوة إلى القرن الثامن عشر.
"ماذا كان في الورقة؟" قصّت فيرونيكا مجموعة من الأجنحة السوداء المخملية على ظهري بعد أن انزلق ثوبي على جسدي. كان ثوباً صيفياً بلون السماء الصافية مع خيوط زرقاء رائعة.
"تعرفين ما أقصد، الورقة التي وضعتها في مشدك قبل قليل." سخرت وهي تضع أقراط ذهبية على شكل جناح الريش في أذني.
"هذة" - ابتسمت بشكل دراماتيكي ، وألقيت نظرة على المرآة أمامنا، عندما وضعت يدي على صدري حيث استقرت الورقه - "هي بداية بقية حياتي".
┈┄ ┉┅━ ✹ ━┅┉ ┄┈
توضيح: استخدام مصطلح الآلهه في الرواية لا يعني ولا يمس لفظ الجلاله "الله".
لا آله إلا الله.

متحمممسيين لروايتك ❤❤❤بداية موفقة حبيبتي
ردحذفمبروك الروايه
ردحذفما شاء الله على الاسلوب الجميل
ردحذففي انتظارك 🌹
متى موعد تنزيل البارتات ؟!
ردحذفمتحمسة للرواية ممكن أعرف مواعيد التنزيل ؟
ردحذف